من المرجح ان الجماعة السلفية التي ضربت مرة أخرى في مدينة حماة، الاثنين 5 تشرين الثاني 2012, مسببة قتل أكثر من 50 شخصا، هي جبهة نصرة اهل الشام. وليس هذا أول هجوم للجماعة السلفية المذكورة يسبب قتل العديد من المدنيين و / أو أفراد من الأجهزة الأمنية أو إدارة الدولة. هذه المجموعة لا تزال هامشية، مثل الجماعات السلفية الأخرى، ولكن ازدادت أهميتها بفضل المساعدة المالية المقدمة من دول الخليج، في حين يفتقر مقاتلو الجيش السوري الحر للموارد والتمويل. هذا الدعم الذي تتلقاه الجماعات السلفية المقاتلة يندرج في اطار مسعى دول الخليج الى إفشال الثورة الشعبية واجهاضها و لتحويله إلى حرب طائفية.
بعد تقديم عرض موجز عن جبهة النصرة، سوف نشرح لماذا نعارض التفجيرات الانتحارية التي تقوم بها جبهة النصرة أو غيرها، و التدليل على ان هذه الاعمال لا تخدم انتصار الثورة
أصول وتطورات جبهة النصرة
تريد الجماعة الجبهة النصرة اسقاط نظام الأسد، ولكنها لا تجد نفسها معنية بديناميات الحركة الشعبية السورية من أجل الحرية، والكرامة والمساواة. لكن هذه المجموعة الاسلامية تريد ان تقيم وبالقوة دولة إسلامية وفق برنامج سلفي في تناقض صارخ مع شعارات وروح للثورة
ظهرت مجموعة جبهة النصرة على الساحة السورية في كانون الثاني عام 2012 في تسجيل للفيديو داعية للجهاد ضد النظام و باستخدام خطاب طائفي صريح. تعرف المجموعة نفسها كمدافع عن الطائفة السنية ضد العدو العلوي ووكلائه من الشيعة
وقد أثنى العديد من مؤيدي تنظيم القاعدة على خطاب جبهة النصرة والاعمال التي قامت بها لاحقا. تميزت هذه المجموعة أيضا بأنها تتكون من إسلاميين من اصول أجنبية كثر، يقودها فكر طائفي يتعارض مع الرسالة التوحيدية بين كل السوريين للثورة الشعبية
سواء في اختيارها للاهداف مثل المباني الحكومية في المناطق الحضرية المزدحمة أو اسلوبها التكتيكي, مثل استخدام التفجيرات الانتحارية، فان لهذه المجموعة الكثير من القواسم المشتركة مع جماعة تنظيم القاعدة في العراق اكثر مما لها من قواسم مع الجماعات المسلحة للمعارضة السورية
صحيح أن جبهة النصرة شاركت في الهجوم على مدينة حلب هذا الصيف إلى جانب غيرها من المجموعات المسلحة لتحرير المدينة من الجيش النظامي، ولكن للأسف دون جدوى حتى اليوم ، على الرغم من تحرير بعض الأحياء
لكن هذا لا يزيل الطابع الرجعي والطائفي لهذه المجموعة في معارضة تامة مع جذور وأسباب الانتفاضة الشعبية، وهي تريد خطف الثورة الشعبية وجرها الى حرب طائفية، وهذا ما نرفضه تماما
التفجيرات الانتحارية
أولا، نحن نكرر أننا نؤيد المقاومة الشعبية المسلحة بالتنسيق مع الحركة الشعبية كسبيل لاسقاط هذا النظام
. فالمقاومة المسلحة هي رد فعل على عنف وقمع النظام الهمجي ضد الشعب السوري في كفاحه من أجل الحرية والكرامة
هذا الواقع يختلف عن الهجمات الانتحارية التي تؤثر على العديد من المدنيين والدوائر الحكومية. أولا،و كما عبرت عنه غالبية الحركة الشعبية السورية,نحن نتبنى هذا الشعار: من يقتل شعبه فهو الخائن.
أطلق هذا الشعار ضد الدكتاتور بشار الأسد اساسا ، كما انه وجه ضد التفجيرات الانتحارية لجبهة النصرة ايضا والتي تسببت في مقتل العديد من المدنيين السوريين.
ثانيا، والأهم من ذلك، علينا الاجابة على سؤال ما هو الموقف من هذه الأعمال و هل تساعد الثورة؟ ونحن لا ننكر أنه هو عنف النظام الذي قد أدى، في كثير من الحالات،إلى هذه الأعمال الرهيبة، و ان النظام هو المسؤول الأول عن هذا الوضع.
ومع ذلك، لا يمكننا الا تبني ما قاله تروتسكي الثوري الروسي، احد القادة الرئيسيين للثورة الروسية ومؤسس الجيش الأحمر، الذي اعتبر ان تكتيك الإرهاب الفردي لا فعالية في تحقيق مهام النضال من أجل تحرر البروليتاريا والشعوب المضطهدة. رغم انه اكد تفهمه , مع ذلك, لحتمية هكذا أفعال متشنجة والناتجة عن اليأس والانتقام.
ان حجم الجرائم الفاشية، قال تروتسكي، هو بشع جدا الى حد أن هذا التعطش للانتقام، حتى إذا تم له ما يبرره، لا يمكن له ان يرتوي من خلال عمليات اغتيال معزولة لبيروقراطيين فاشيين . والحال نفسه ينطبق على سوريا، فإن الهجمات الانتحارية ضد مكاتب الحكومة والأجهزة الأمنية لن تروي رغبتنا في الانتقام من هذا النظام الهمجي كما انها لا تساعدنا في مسعانا لاسقاطه.
قال تروتسكي أن ” ليس بمقدور منتقم معزول أن يحرر المضطهدين، بل وحدها حركة ثورية جماهيرية هي القادرة على ذلك، وهي التي لن تدع أي شيء يتبقى من نظام الاستغلال الطبقي والقهر القومي و الاضطهاد العنصري”. في الواقع، حركة جماهيرية هي التي ستسمح قيام سوريا الجديدة، سوريا حرة.
بالفعل أدان الشعب السوري بأغلبية ساحقة هذه العمليات، مثلما ادانتها مجموعات من الجيش السوري الحر أو تلك المرتبطة به أيضا. ولكن يجب أن نسأل سؤالا آخر عن الترابط بين الحركة الشعبية، السلمية والمسلحة، في المعركة المشتركة ضد النظام
انه نضال الملايين من المظلومين السوريين هو الذي يسمح باسقاط النظام وليست العمليات الانتحارية اوالأيديولوجية الرجعية والطائفية لجبهة النصرة أو المجموعات الشبيهة بها ، فهذه الاخيرة تعمل على تقسيم الحركة الشعبية وتمزيقها ويضعف كفاحنا. لا شك بان تنسيق قسمي المقاومة الشعبية , السلمية و المسلحة, أمر أساسي على طريق النصر
واخيرا نذكر ما قاله الثوري تروتسكي والذي يدوي براهنيته مع ما يواجهه اليوم السوريون في نضالهم من أجل الحرية والكرامة، ” فقط الإطاحة بجميع أشكال الرق والتدمير الكامل للفاشية، فقط باقامة عدالة الشعب ضد قطاع الطرق ورجال العصابات المعاصرين هي التي ستجلب الاشباع الحقيقي لسخط الشعب.
نعم، فقط سقوط نظام الأسد ونظامه سيروي سخطنا الكبير.
عاشت سوريا حرة
جوزف ضاهر
Pingback: موقف و تأملات حول الجبهة النصرة و أشباهها « Tahrir-ICN
Pingback: Position regarding Jabhat al Nusra, similar groups and suicides bombings | Syria Freedom Forever – سوريا الحرية للأبد