الثورة السورية وحيدة بوجه العالم برمته

1525151_626184814087255_342688_n

لا تزال السيرورة الثورية السورية تثير نقاشات وتساؤلات، لا سيما في اليسار، فيما جرى من جديد تأجيل”مؤتمر السلام” جنيف 2 إلى 22 يناير 2014

إن لمؤتمر جنيف 2 هذا نفس أهداف سابقه وغيره من ما سمي مؤتمرات “سلام” من اجل سوريا، أي بلوغ اتفاق بين نظام الأسد وقسم من المعارضة البرجوازية والانتهازية المرتبطة بالغرب وبملكيات الخليج. يتمثل الفرق الراهن في كون تحضيره يجري على خلفية تقارب بين الولايات المتحدة الأمريكية و جمهورية إيران الإسلامية حول المسألة النووية، ما يعزز أكثر رغبة النظامين في إنهاء السيرورة الثورية السورية مراعاة لمصالحهما. وفي الآن ذاته، نشر مجلس التعاون الخليجي، المكون من السعودية و الكويت وقطر و البحرين و الإمارات العربية وعمان، تصريحا يوم 28 نوفمبر 2013 يؤكد أهمية تعزيز الدعم الدولي للمعارضة السورية الممثلة بالائتلاف الوطني، الذي يعتبر مجلس التعاون الخليجي ممثلا شرعيا وحيدا للمعارضة السورية في مؤتمر جنيف 2.

يبرز تقارب إيران والولايات المتحدة الأمريكية، من جديد، تهافت بعض قطاعات اليسار التي تعتبر روسيا وإيران كتلة مناوئة للامبريالية. إن لمختلف القوى الامبريالية العالمية، وللقوى الإقليمية البرجوازية، برغم تنافسها، مصلحة مشتركة في هزيمة الثورات الشعبية بالمنطقة، ومنها سوريا. يجب فعلا ألا نظن استحالة تجاوز أشكال التنافس الامبريالي على الصعيد العالمي بين الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا عندما تكون مصالحها في الرهان وعلاقات الارتباط المتبادل بينها بالغة القوة. إن كل هذه الأنظمة سلطات برجوازية معادية، آنيا ودوما، للثورات الشعبية، منشغلة حصرا بسياق سياسي مستقر يتيح لها مراكمة وتطوير رأسمالها السياسي و الاقتصادي بلا مراعاة للطبقات الشعبية

ثورة حية دوما

تسعى وسائل الإعلام السائدة، بالغرب و بالشرق الأوسط على السواء، وكذا الحكومات الغربية والإقليمية، إلى جعلنا نعتقد أن الثورة السورية ماتت وتحولت إلى حرب طائفية، أو إلى مواجهة ثنائية بين الجهاديين ونظام الأسد. وعلى العكس، إن السيرورة الثورية السورية حية دوما. إذ لم يكف الثوريون داخل البلد عن التظاهر وعن تنظيم صفوفهم ضدا النظام كما ضد المجموعات الجهادية بنداءاتهم إلى الديمقراطية والى وحدة الشعب السوري ضد محاولات تقسيمه. ليس لإصرار الثوريين حدود، مثال ذلك لما غنى المتظاهرون بمدينة الرقة على أنقاض بناية قصفتها في صباح اليوم ذاته طائرات النظام، مجسدة تحديها ومقاومتها لقوات الأسد. وتتواصل المظاهرات ضد ممارسات ما يسمى الدولة الإسلامية بالعراق و الشام (داعش)، ومن أجل إطلاق سراح المعتقلين من طرف داعش بمختلف المناطق، لا سيما بلافتات عليها:” نندد بالاختطافات و بالمحاكمات السرية وبالتعذيب في دياجير السجون لأنها تعيد إنتاج ممارسات نظام الأسد”

تجدر الإشارة أيضا إلى تشكيل الاتحاد السوري الحر، يوم 13 أكتوبر 2013 على اثر اجتماع بمدينة الريحانية، على حدود تركيا وسوريا. تتكون هذه البنية من زهاء 106 مجموعة ومتحد للكتائب العسكرية، ومجموعات إعلامية وتشكيلات مدنية أخرى. تدعو وثيقة تأسيسها بوجه خاص إلى قيام سوريا حرة وديمقراطية تعامل فيها المجموعات الدينية و العرقية بمساواة. كما أن الحيوية و التنظيم الذاتي لا يزالان راهنيين في السيرورة الثورية السورية

المقاومة الشعبية العسكرية

تواجه المقاومة الشعبية العسكرية مصاعب عدة، أهمها تفوق نظام الأسد عسكريا، إذ تعزز بقوة بالدعم العسكري و السياسي والاقتصادي الهائل الذي يأتيه من إيران وروسيا، والمشاركة الكثيفة لمقاتلي حزب الله وللمجموعات العراقية الشيعية الطائفية في المعارك إلى جانب النظام. وقد أتاح هذا التفوق العسكري والمساعدة الأجنبية لجيش النظام إعادة احتلال مناطق عديدة كانت حررتها المعارضة المسلحة.

أفضى انعدام أي دعم عسكري واقتصادي وسياسي للجيش السوري الحر إلى إضعافه وانقسامه. تتكون المعارضة، تقديرا، من زهاء 1000 مجموعة مسلحة مع تحالفات متعددة ومتنوعة حسب المناطق و ديناميات السياقات. فالجيش السوري ليس بعد كيانا يشتغل كمظمة موحدة. كما كان الجيش السوري الحر هدفا للجهاديين ولبعض المجموعات الإسلامية التي اغتالت بعض ضباطه وهاجمت بعض ألويته. مع ذلك يمثل الجيش السوري الحر زهاء نصف المائة ألف مقاتل التي تتكون منها المقاومة الشعبية. يتكون الباقي من الجبهة الإسلامية، وهي تحالف يجمع عددا من المجموعات الإسلامية المحدثة في نوفمبر، وتضم أكثر من 30000 رجل و يقدر الجهاديون بزهراء 10000 معظمهم أجانب

ابتعدت الجبهة الإسلامية عن معارضة الائتلاف الوطني بالمنفى، بعد رفض هذا الأخير منحها تمثيلا اكبر في القيادة العسكرية التي يرأسها اللواء سليم إدريس. صرحت الجبهة الإسلامية أنها لن تتواجه مع الجيش السوري الحر رغم الهجوم على بعض مجموعاتها ودعت إلى دولة غسلامية في سوريا. وتحظى هذه الجبهة الإسلامية الجديدة بدعم ملكيات الخليج. وقد أتاح تمويل هذه المجموعات الكثيف جذب العديد من مقاتلي المعارضة، ليس بخطاب ديني، بل أساسا بتجهيز عسكري أكثر تطورا ووفرة، وأجور أهم قياسا بألوية الجيش السوري الحر الذي يعاني نقصا في كل شيء. لذا يجب ألا نعتبر آليا كل مقاتلي الجبهة الإسلامية أنصارا لإيديولوجية قادتهم الرجعيين

بعد قول هذا، فيما تمثل أشكال وحدة عمل في الميدان العسكري بين الجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية ضد النظام والجهاديين ضرورة و ليست مشكلا، بالنظر إلى واقع الميدان، وهي باتت قائمة، يجب استبعاد أي وهم حول مجموعات الجبهة الإسلامية فيما يخص تحقيق أهداف الثورة ، أي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية المجتمع العلماني

خلاصة

ما من قوة إقليمية أو دولية هي صديقة للثورة السورية، بل وحدها الطبقات الشعبية المناضلة عبر العالم. في سوريا، وبغيرها، لا يمكن بلوغ أي حل طالما ظلت الرهانات الديمقراطية والاجتماعية غير معالجة ككل واحد. بعبارات أخرى، لا يمكن فصل المطالب الاجتماعية عن التطلعات الديمقراطية، ولا اعتبارها ثانوية. إنها غير قابلة للفصل وهذا ما جعل الحركة الشعبية السورية ترفض كل مبادرة رامية إلى بقاء النظام القائم، مع بشار الأسد أو بدونه، يكون هدفها إنهاء السيرورة الثورية السورية

لا ندفنن الشعب السوري الثوري، فما أبعده عن قول كلمته الأخيرة

جوزف ضاهر

تعريب : المناضل-ة

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s