حوار شامل مع الحملة العالمية لدعم الثورة في سوريا

 نشر في‫:‬الثلثاء, ايار 21, 2013
ملصق اليوم العالمي للتضامن مع الثورة في سوريا|عن صفحة الحملة على الفايسبوك
الكاتب/ة: الحملة العالمية لدعم الثورة السورية
http://al-manshour.org/node/4009  المصدر‫:‬

في ما يلي حوار شامل مع المشرفين على صفحة الحملة العالمية لدعم الثورة في سوريا، حول أسباب انطلاق الحملة، الثورة السورية، والقضية الفلسطينية، والثورات التي تعم المنطقة وكيفية تفعيل النضال بهدف اسقاط الأنظمة، فيوم 31 أيار هو محطة في هذه السيرورة الثورية نحو تحقيق الكرامة والحرية لكل الشعوب المنتفضة!

وليد ضو: في البداية لماذا أطلقت الحملة العالمية لدعم الثورة السورية، وما هو الهدف منها، خاصة في هذه المرحلة؟
الحملة العالمية لدعم الثورة السورية:
 مثل غيرنا الذين يبادرون بطرق عديدة، أخذنا مبادرة تسعى إلى التنسيق وتحقيق أهداف. الهدف الأساسي من الحملة هو دعم ثورة الحرية والكرامة في سوريا بالضغط من قبل أحرار المنطقة والعالم من أجل وقف المجازر والقتل والاعتقال والتعذيب وعزل نظام الأسد بهدف إسقاطه الذي تعمل عليه الثورة أساسا. الهدف هو المساهمة في تنسيق الجهود ضنم حملة حيث هناك مجموعات فاعلة في كل مكان في المنطقة والعالم، وكان المنتدى الاجتماعي العالمي في تونس فرصة للقاء مجموعات مختلفة من العالم

تمثل السيرورة الثورية التي تعم المنطقة، أملا متجددا للملايين فيها، كما استلهمت شعوب عدة هذا النضال والإصرار والجذرية في المواجهة، اليوم، كيف تقرأون/ن مجريات هذه السيرورة وخاصة في ظل ما يحكى عن “شتاء عربي” خاصة من الإعلام الموالي للنظام السوري؟
لا نعرف تماما في اي فصل نحن الآن، وربما لا يعرف أي شخص هذا، أو إن كنا في فصول متداخلة في نفس الوقت، ولكن ما نعرفه هو أننا في وسط العاصفة بحيث إننا نتحرك في هذا السياق، وليس لنا إلا التحرك. ما يحدث في سوريا هو تكثيف لما يحدث في كل المنطقة، ويحدث فيها كل مراحل الثورات العربية في آن واحد، فيما لا يزال النظام قائما وقاتلا للغاية يعيد تكرار مجازر سابقة له، مثل مجزرة حماه، في كل مدينة تقريبا اليوم. هذا النظام يحترف ارتكاب المجازر والتدمير لا يكلّ ولا بدّ أن يرحل، فالقتل والإذلال الفظيع هو مكون أساسي لنظام العائلة الحاكمة. على مستوى الثورات العربية عموما فإن الأفق قد انفتح، بدل المستنقع، وهذا هو المهم الآن كما في المستقبل

ماذا تعني الثورة السورية لكم/ن، من خلال انطلاقتها، ومراحلها السلمية، بداية وانتقالها إلى مرحلة المقاومة الشعبية المسلحة ضد إجرام النظام؟
الثورة السورية هي نضال شعبي متعدد، وثورة قاعدية، ومرّت بعدة مراحل، وهي ديناميكية ومتعددة، وهي من أكثر الثورات نقدية. وكما هو معروف، فإن النظام الذي رفض التنازل لمطالب شعبه السلمية والرحيل، دفع بالثورة إلى ان يصبح جزءا أساسيا فيها عسكريا، وكبر هذا الجزء مع تعاظم قتل النظام. هناك أجزاء مختلفة في الثورة تريد إسقاط النظام، ولكل منها دورها. نحن ما نؤمن به هو حق الشعب السوري بتقرير مصيره بحرية، بالطريقة التي يرتئيها، ونحن ندعم نضال السوريين، بكل مراحله وأشكاله، من أجل الحرية والكرامة كقيم أساسية للثورة. بدرونا نحن حملة مدنية تنشط خارج سوريا أساسا

جرى اتهام العريضة التي أطلقت مؤخرا عنكم/ن بأنها تعبر عن سذاجة يسارية حيال الثورة السورية- بالطبع هم لم يسموها ثورة- خاصة في ظل المؤامرة التي تتعرض لها سوريا، على حد زعمهم، كما اعتبروا أن اليسار الداعم للثورة السورية هو يسار ضعيف وألعوبة بيد القوى الإمبريالية والنيوليبرالية ووكالة الاستخبارات الأميركية، في هذا الإطار ما مدى راهنية الشعار الذي أطلق في بيروت منذ عشر سنوات لمناهضة الحرب على العراق “لا للحرب، لا للديكتاتوريات”
بغض النظر عن كل التصنيفات، المهم هو مقاربة ما يجري كما يجري لمعرفة كيفية الدعم والضغط من قبل الأحرار والتيارات المدنية والحركات الاجتماعية في المنطقة العربية والعالم، سواء كانوا يساريين أو معنيين إنسانيا بدعم السوريين ونضالهم للحرية أو يرفضون الصمت عن مجازر منهجية. فالحملة تتوجه إلى كل هؤلاء وتتفق في الأهداف الاساسية للعمل عليها، فتحاول توسيع الجهود وإن تعلم أن المجموعات اليسارية في العالم مثلا، وقوى الثورة الشبابية في المنطقة العربية، هي محرك أساسي دائما لدعم قضايا عادلة مثل الاعتراض على الحرب على العراق أو مناصرة فلسطين أو سابقا في مناصرة جنوب إفريقيا وغيرها الكثير، فنرى ضرورة أن يتحرك الجميع وأن ينسقوا جهودهم

من الواضح لنا أن القوى العظمى والاقليمية بأشكالها المختلفة، الامبريالية و”الممانعة”، تخشى الثورة منذ بداياتها الأولى وحتى الآن. لم تقم أي قوة عظمى وإقليمية بدعم ثورة الحرية والكرامة، عدا تلك التي تقف إلى جانب النظام. بعض الدول ادّعت أنها تقف مع ثورة الحرية والكرامة، لكنها طبعا تقف إلى جانب مصالحها وهذه المصالح لا علاقة أساسية لها بالحرية والكرامة، وهي تحاول التلاعب على الثورة ولا تزال تحاول جرّها إلى أجنداتها الخاصة ومحاورها التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالحرية والكرامة، وتحديدا أنظمة الخليج التي عدا كل ذلك لا تعترف أصلا بمفهوم الحرية وهي تخاف أن تصلها. كما عبّرت الولايات المتحدة أنه من مصلحتها عدم سقوط الأسد، وقالت حليفتها المدللة إسرائيل ذلك أيضا، فمن مصلحتهما إضعاف كل سوريا وجعل الحرب تمتد وقتا طويلا. وقد فرض الاتحاد الأوروبي حظرا على السلاح واللاجئين عبر اليونان، ولا تزال شركات أوروبية تتعامل مع النظام فعليا رغم قرار الحظر. أما أنظمة روسيا والصين وإيران وفنزويلا والعراق وامتدادتهم كما لدى “حزب الله” للأسف، فحدّث ولا حرج، فإن لم تحضر بدعم النظام سياسيا وديبلوماسيا، فهي حاضرة مباشرة في المعركة الى جانب النظام. وعليها جميعها أن تسحب مقاتليها من سوريا أو أن تكف عن دعمها للنظام

المشكلة التي تعانيها الثورة، مثل أي ثورة تواجه نظام مجازر تدعمه أطراف دولية وإقليمية، هو أنها بحاجة إلى دعم من أحرار، في وقت عزّ فيه الأحرار وانقلب كل شيء، فمن تتوقعه أقرب اليك أظهر عداوة شديدة، ومن تتوقعه يعاديك لطّف لسانه وقدم الكثير من المجاملات والخداع محشوا في مساعدات “إنسانية” وغيرها. لذلك الحملة تنطلق إلى الشعوب والأحرار والحركات الاجتماعية في المنطقة العربية والعالم، لا إلى الحكومات الداعمة أو المتواطئة مع النظام أو تعمل لتفتيت ثورة الحرية الحرية والكرامة. وكانت العريضة التي وقعها مثقفون وناشطون تتوجه إلى هؤلاء الأحرار في العالم لتذكيرهم بمسؤوليات حكوماتهم أولا التي يجب مواجهتها، وبترابط النضالات ثانيا بوضع الثورة السورية في سياقها الملائم ضمن قضايا الحرية العالمية بعيدا عن الدعاية التي تحاول تشويهها. وقد تحركت مثلا مجموعة إيرانية ضد نظامها لدعم الثورة السورية وأعلنت إضرابا عن الطعام خلال اليوم العالمي لدعم الثورة السورية نهاية هذا الشهر. وهناك أيضا بداية تواصل مع مجموعات في موسكو ترفض سياسة نظام بوتين. وفي اليوم العالمي ثمة تواصل ومشاركة في عشرات المدن حول العالم، في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية وأفريقيا وآسيا

ربما شعار “لا للحرب لا للديكتاتوريات” الذي تتحدث عنه، يخص هجوم قوى دولية محتلة على بلد، فكان يقصد أنه ضد الحرب الأميركية على العراق وإن كان لا يقف إلى جانب الديكتاتورية بل ويعلن عن معارضته لها حتى ينتفض الشعب نفسه عليها

“أبدع” النظام السوري في تحويل أسماء فلسطين “الفضلى” إلى رموز للبطش والتعذيب، فرع فلسطين، على سبيل المثال، وهذا النظام وجه قذائفه على المخيمات الفلسطينية داخل سوريا، تماما كما فعل في تل الزعتر، وعندما تعرضت الأراضي السورية مؤخرا لاعتداءات عبر طائرات الاحتلال الصهيوني، عادت نغمة التوقيت والمكان المناسبين، ما هو موقفكم/ن من ادعاءات النظام، ومن محاولاته مصادرة القضية الفلسطينية؟
موقفنا هو موقف الأحرار الفلسطينيين الذين هم أكثر من عرّى هذا النظام من ادعاءاته، داخل سوريا عبر مجموعات مدنية كثيرة كما في مواقف مثقفين فلسطينيين بازرين في فلسطين والشتات، مع قلة وقفت إلى جانب النظام مثل قلة سورية وقفت الى جانب النظام. وقد تزامن دائما بطش نظام العائلة الحاكمة في سوريا مع البطش ضد الفلسطينيين، فكأنه يقول، عن حق، أن تحرر الفلسطينيين هو من تحرر السوريين وبالعكس. سنة 1970 نفذ الأسد انقلابه في سوريا في نفس الوقت الذي عمل فيه ضد الموقف الرسمي السوري آنذاك الرافض لتصفية الفلسطينيين سياسيا في الأردن، وسنة 1976 حاصر تل الزعتر وقصفه في سنة بدء قمعه للحركة الشعبية السورية في ذاك العام، وفي سنة 1982 انسحب أمام الجيش الإسرائيلي في لبنان لينفذ مجزرته الفظيعة في حماه، وصولا إلى اليوم الذي تقصف فيه المخيمات الفلسطينيية في سوريا بالطائرات الحربية مثل بقية المناطق السورية، في استعادة لما جرى في حصار مخيمات لبنان. لقد جرّ النظام المخيمات الفلسطينيية إلى الحرب، مثلما فعل مع بقية المناطق السورية. وعليه أن يوقف القصف العشوائي للمخيمات والحصار والقنص للمخيمات وسكانها ووقف اعتقالهم، وهي التي احتضنت النازحين السوريين شعبيا وتضامنت معهم، مثلها مثل بقية المناطق السورية

من نتائج حرب النظام على الشعب الثائر، حدوث موجة واسعة من التهجير سواء داخل سوريا، أو باتجاه الدول المجاورة، كلبنان والأردن وتركيا، وفي الوقت عينه يتعرض اللاجئون/ات السوريون/ات لموجة عنصرية وتحرش واستغلال جنسيين في لبنان والأردن وفي تركيا مؤخرا- خاصة إثر تفجيرات الريحانية- كيف تنظرون/ن إلى هذا الأمر؟
طبعا هناك مقابل احتضان أناس كثر من هذه الشعوب للسوريين، ومشاركتهم الألم والحلم، وشعورهم بالقهر لما يجري للسوريين وهم الذين عاشوه قبل ذلك على يد هذا النظام الذي قمع وقتل في لبنان والفلسطينيين وفي العراق وفي مرحلة ما في الأردن، وثمة حملات إغاثة شعبية، فهناك العكس أيضا، وهو مؤسف لأنه بغض النظر عن الآراء السياسية ثمة نكبة إنسانية تستدعي تحرك الضمير الانساني قبل أي شيء. ثمة قضايا كثيرة تخص دعم الشعب السوري وثورته واللاجئين، وفي كل بلد ثمة قضايا عديدة

ربما بات الوقت ملحا أكثر من أي وقت سابق، حين كان الاعتقاد بأن الثورة ستنتهي بسرعة، كي يكثف أحرار هذه البلدان تعاونهم مع بعضهم البعض والتواصل مع السوريين الذين هم طاقة متمردة عظيمة والتنسيق على استراتيجيات فعالة وتنظيم حملات إعلامية بالإضافة إلى نشاطات على الأرض بسبب كبر المصيبة التي هي نكبة، تشمل على حد سواء العاملون/ات في الإغاثة أو في التضامن أو في قضايا التحرر النسوي أو قضايا اللاجئين عموما والمدافعين عن حقوق الإنسان واليساريون/ات الذين واللواتي قضيتهم/ن الأساسية هي المفقرين المعذبين والمناضلين للحرية، والذين واللواتي يشعرون/ن بتآخ مع جيرانهم السوريين وأي شخص يشعر بالواجب الإنساني والصحافيون الذين يهمهم نقل الوقائع ومعاناة الناس ونضالاتهم ومن يشعر أن ما يؤمن به وقيمه ودينه ترفض ذلك ومحامون ومحاميات وأطباء وطبيبات وفنانون/ات ومعلمونات متطوعون/ات وبعض الشخصيات الرمزية العامة هم ضد هذه الأفعال وغيرهم/ن الكثير/ات. هؤلاء ليسوا قلة بأي حال رغم الاختلافات الكثيرة في ما بينهم وربما رغم تباعدهم أو نشاط كل منهم لوحده. التحدي، برأينا، هو تنسيق جهود موجودة أصلا ومتعددة بانفتاح، لنبتعد أيضا عن اليأس والإحباط والسلبية من خلال توسيع التضامن وتنسيقه، والاحساس بأن المصيبة أكبر من ألا نتعاون جميعا وأن نتضامن وأن يتواضع كل منا أمام هذا الألم العظيم وأمام هذه التضحيات الكبرى في نضال السوريين وما يمرون به، في نضالهم في كل شيء، فقد صارت حتى تفاصيل صغيرة في حياة السوري والسورية نضالا من أجل الحياة والكرامة والحرية. ما نأمله مثل غيرنا هو بأن تنسق المجموعات في كل بلد بشكل كبير، ومع السوريين، وبعضها يفعل ذلك، وتحديد أهداف سياسية (مثل تواطؤ النظام في ذلك البلد أو مجموعات أو حتى دعمها الفعلي للنظام السوي) وأهداف اجتماعية ملحة كالتي ذُكرت

في المقابل، تشهد الثورة السورية، تجاوزات غير مقبولة من قبل بعض المجموعات المسلحة سواء على صعيد حقوق الإنسان والحق بمحاكمة عادلة، فضلا عن التحكم في المواد الإغاثية، فضلا عن دور بعض المجموعات الإسلامية وعلى رأسهم جبهة النصرة، كيف تقرأون/ن هذا الواقع وطريقة مواجهته؟
نحن من جهة نحترم مبدأ حق الشعوب السوري بتقرير مصيره بحرية، كما أننا عبرنا من جهة ثانية عن رأينا بأننا نؤيد ما أعلنته ثورة الحرية والكرامة وما تنادي به ضد الإقصاء، وبالتالي أي ممارسة ضد الحرية والكرامة من قبل “جبهة النصرة” أو أي طرف آخر فهي بالطبع ضد قيم الثورة السورية وضد ما نسانده. وثمة انتهاكات مروعة تحدث تكرارا بين فترة وأخرى مثل إعدامات ميدانية وبلا محاكمات عادلة أو تفجيرات بساحات عامة (غير تلك التي يفبركها النظام بنفسه) ومحاولة حد حرية الناس في المناطق “المحررة”. كل منا بشكل شخصي او كمجموعة في الحملة واضح برأيه برفض كل هذه القضايا ومستمدا موقفه من رفض شعبي سوري متعدد وواضح لها. والحملة أعلنت بأنها تتبنى مطالب الثورة السورية مع الحرية والكرامة لا الإقصاء. هذا بالمبدأ واضح، ويهمنا أن يكون واضحا أيضا لنكسر مع ما يمكن تسميته “ثقافة الممانعة”، سواء بالمنطقة أو خارجها. هذه الثقافة تقترح علينا بأن الشيء الوحيد المطلوب هو الوقوف ضد نظام خارجي ينتهك بشكل منهجي حقوق الناس، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، ولا يهم –بحسب هذا المنطق- كيف هو أداء الأطراف التي تقاومه، ولذلك فهم يدعمون الطرف الذي يقف ضد إسرائيل أو يدعي ذلك مثل النظام الأسدي، حتى لو كان هذا الطرف الذي يقول بمقاومة اسرائيل هو ديكتاتورية تفعل مثلما تفعل إسرائيل!

مع تبني هذا المبدأ وتوضيحه لا بدّ من ربطه بأربع نقاط أساسية: الأولى، هي بداهة الإشارة إلى السياق والتناسب. النظام هو المسؤول الأساسي والأول وهو نظام الانتهاك الممنهج. إنه نظام مجازر، وصواريخ سكود وطائرات حربية وبراميل متفجرة، وغازات، ولا يقف بوجه إجرامه أي رادع، ومسؤول عن سقوط عشرات المدنيين يوميا. أما الانتهاكات في صفوف الثورة، التي تقف أصوات الثورة ضدها، فهي هزيلة بالمقارنة، وإن كان لكل قصة أهميتها بحد ذاتها

النقطة الثانية، هي أننا حملة تركز عملها خارج سوريا على دعم ثورة الحرية والكرامة. نحن لسنا طرفا سياسيا سوريا، بل حملة مدنية متنوعة تنشط في العالم. أي أننا كحملة لسنا طرفا سياسيا أو حزبيا داخل سوريا أو خارجها، بل حملة مدنية متنوعة من من هو مستقل ومن هو محزّب، وبالتالي تتعدد الآراء والتوجهات السياسية داخلها، وكل من هؤلاء له رأيه الخاص بما يجري في سوريا ويعبر عنه وربما يعمل من أجله بصفته الشخصية أو بصفته كمجموعة، لكننا كحملة، بعيدا عن خصوصيات كل مكون فيها، فلنا هدفنا الرئيسي وهو عزل النظام عالميا بشكل أساسي ومواجهة دعم وتواطؤ حكومات العالم مع النظام، مع تأكيدنا على تبني قيم الثورة الأساسية ومشاركتنا لأصواتها، ومع احترامنا لحق الشعب السوري بتقرير مستقبله بحرية، بغض النظر عن كل الآراء النقدية الضروري، فالسوريون هم من يجب أن يحددوا مستقبلهم باستقلالية وحرية، ونحن ندعم ذلك

النقطة الثالثة المهمة، هي ما يقوله داعمون للثورة إن دعم أحرار العرب والعالم لثورة الحرية والكرامة هو يصب أيضا باتجاه إعلاء قيم الحرية والكرامة السورية، بما ان كل خطاب وكل عمل، مهما كان، فيه سلطة رمزية بكل الاتجاهات، حتى لو كانت الحملة غير معنية بموضوع السلطة السياسية ولا تقف مع هذا الطرف السياسي ضد ذاك، وليس اهتمامها في الداخل السوري (وهو يختلف عن من يفعل ذلك شخصيا أو كمجموعة خارج إطار الحملة)، بل هي حملة هدفها أساسا تجميع الجهود خارج سوريا لتوفير دعم عالمي للثورة وقيمها بالحرية والمساواة، وبتواصل مع أصوات الثورة

النقطة الرابعة، هي أن يروز مثل هذا النهج ليس موضوعا سوريا فحسب، بل هي تخص المنطقة العربية والعالم. بروز الاحتقان الذي يعبر عن نفسه سياسيا واجتماعيا، شخصيا وجماعيا، ليس أمرا يخص سوريا وحدها. هذه منطقة لا تزال فيها ديكتاتوريات شرسة حكمتها لفترة طويلة، أذلتها وسلبت حريتها وأفقرتها وأدخلتها في اليأس، ووسط وجود إسرائيل التي تشن حربين من العيار الثقيل على الأقل كل عقد، وكل سنة مؤخرا وبقمع الفلسطينيين يوميا، عدا عن الحروب الاميركية مثل تدمير بلد كالعراق وغيرها. المنطقة تحت وطأة عنف شديد، ربما هو الأشد في العالم وعلى تتابع زمني طويل ومتراكم، وتنتج ردود فعل محتقنة عند الكل، في نفس كل منا. ومع أن النظام في سوريا هو من أشد هذه الأنظمة العربية تسببا بالاحتقان وردود الفعل، وهو مساهم أصلا بتعزيز مجموعات متشددة واللعب معها وقد فعل ذلك في العراق وفي مخيم نهر البارد في لبنان (حيث أطلق شاكر العبسي من السجن في سوريا ليظهر في مخيم فلسطيني في لبنان!) ثم أطلق سجناء من توجه إسلامي يعدّ متشددا في بداية الثورة يوم كان يعتقل الناشطين المدنيين الذين كانوا يحملون الورود في المظاهرات ويقتلهم -نحن طبعا مع حرية كل المعتقلين السيياسيين الذين ذاقوا الويلات من كافة توجهاتهم بل ربما عانى معتقلون إسلاميون أكثر من غيرهم في بعض الحالات كما في تدمر-. مع قول كل ذلك عن هذا النظام، لن تحل المسائل في سوريا وحدها، بل هي مسؤوليات متشابكة ومشتركة بين كل هذه الأنظمة، والتي نسقت مع الولايات المتحدة في الكثير من الأحيان بخصوص هذا الموضوع

ما اقترحته الثورة التونسية التي تبعتها ثورات عربية هو أن تفكيك الاحتقان يكون على مستوى المنطقة أيضا. لأنه علينا تفكيك السبب الرئيسي لهذا الاحتقان وهو النظام الاستبدادي في سوريا. لذلك فنشاط الأحرار على مستوى المنطقة، وفعالية كل المؤمنين بالحرية والكرامة في البلدان العربية ووقوفهم أمام واجبهم تجاه الثورة في سوريا هو أمر أساسي يخفف من الاحتقان وردود الفعل ليست في بلد رئيسي كسوريا وحدها بل على مستوى المنطقة المتشابكة. على النظام أن يرحل بأسرع وقت ليبدأ السوريون تحديد مصيرهم بلا صورايخ سكود وطائرات حربية وقصف عشوائي وبراميل متفجرة وسكاكين ومجازر وتطهير وتدمير أحياء بأكملها وسجون فظيعة. هذا هو الأساس وإن كان لا يلغي تفرعات أخرى والحملة واضحة بشأنها

ورد في بيان العريضة التي صدرت عنكم/ن دعمكم/ن لمختلف ثورات شعوب المنطقة من البحرين وصولا إلى المغرب العربي، من هنا كيف يمكن لهذا الترابط أن يحصل، وكيف يمكن بلورة هذا الدعم؟
كانت هناك مبادرات ثورية مشتركة بين اليمن وسوريا في إحدى الجمع مثلا. الثورات انطلقت من تونس بتتابع، مما يظهر تأثير هذه المجتمعات في بعضها البعض، وهي لم تتوقف. من الواضح أن لا حرية هنا بلا حرية هناك. القوى الإقليمية والدولية تعمل على مستوى المنطقة بأكملها، وأحرار المنطقة يحتاجون للعمل على مستوى المنطقة العربية أيضا، حيث الملح الآن الوضع السوري، وسط مذابح فظيعة وتدمير، والبحريني أيضا، وبينهما الفلسطيني، علما أن الموضوع الفلسطيني موضوع داخلي سوري أيضا. ثمة فراغ نسبي لقوى الثورات في تأثيرها في المنطقة، فلا في مصر ولا تونس ولا ليبيا ولا اليمن أخذت قوى الثورة والمعنيون المتنوعون حتى الآن مبادرات فعلية- باستثناءات مهمة- تجاه واجب الوقوف بوجه آلة القتل في سوريا، وسط انشغالهم بقضاياهم وبطريق الحرية الشائك. ثمة مشاعر شعبية يمكن تلمسها لمن تواصل مع مجتمعات هذه البلدان، بأنها لا تقبل بهذا النظام وقتله كما أنها لديها خشيتها من تلاعب القوى الاقليمية والدولية المختلفة. ما يبدو ضروريا اليوم، هو تنظيم حملات تؤكد على هذين البعدين الحاضرين أصلا بقوة في الوضع السوري، فثمة نظام قاتل وثمة تواطؤ دولي يترك سوريا تدمر أكثر فأكثر. كما أن موضوع الحرية والكرامة السوري لا ينفصل عن مطالب الحرية والكرامة الداخلية لدى هذه القوى في البلدان العربية، ولا يجب أن ينفصل، وقد رأينا بوادر حراك مصري فعلي بين قوى عديدة خلال الحرب الاسرائيلية الاخيرة على غزة، على عكس الحالة السابقة تحت حكم مبارك. وهذه المجتمعات يمكنها أن تكون مؤثرة فعليا في سوريا وفي فلسطين وغيرها. وثمة أولوية للتواصل والتنسيق مع قوى الثورة هناك كي لا يملأ هذا الفراغ القاتل أمير نفطي مثلا

السؤال الأخير ماذا بعد 31 أيار، اليوم العالمي لدعم الثورة السورية، ما هي الخطوات العملية المقبلة لدعم الثورة السورية في طريقها إلى إسقاط النظام، وأي نظام جديد لسوريا، بعد كل هذه التضحيات؟
نحن حددنا لأنفسنا كحملة أهدافا تتعلق بعزل النظام في المنطقة والعالم (إغلاق سفارات النظام، وقف الدعم، وقف التواطؤ، الضغط من أجل سوق الأسد للعدالة، الدعم الإغاثي، … ) وسط دعمنا لقيم الحرية والكرامة وكصدى لمطالب أغلبية سورية تؤمن بها وعبرت عنها بطرق شتى. إضافة إلى ذلك، فعلى مستوى الخطاب نحن نواجه مع آخرين خطابا معاديا للثورة في أوساط متعددة في العالم، فسبحان من جمعهم كلهم فتجد الاستشراقي كما الصهيوني الاسرائيلي أو اليميني الأميركي (مثلا دانيل بايبس) ويساريا ممانعا وأميرا نفطيا وروسيا يستعيد الاستشراق يتحدثون كلهم بلغة واحدة عن “الأقليات”! وتسمع اتهامات عجيبة بحق الثورة بأنها كذا وكذا، بعيدا عن الوقائع في أغلب الأحيان، بشكل كاريكاتوري. هذا قدر الثورة السورية أن تواجه كل هذا دفعة واحدة. الواقع يصرخ كم أن الثورة السورية تواجه كل هذا العفن العابر للقارات وكم هي امتداد عالمي لنضالات كثيرة! وهذا ما يهمنا أيضا في الحملة هو المساهمة بتنسيق جهود كل مقاومي هذه الخطابات والسياسات العفنة على مستوى العالم لدعم ثورة الحرية والكرامة

من الضروري للحملة كي تنجح أن تجمع جهودا متنوعة بانفتاح، وأن تحدد أهدافا فعلية قابلة للتحقق تعمل عليها أطراف متنوعة للوصول إليها في كل بلد. هذا ما نأمله. وكل المجموعات في كل بلد تختار طريقها بما يخص المطلوب في ذاك البلد، وما نقترحه هو تنسيقها

الأهداف ليست سهلة التحقيق، وتحتاج إلى عمل منسق بين مجموعات كثيرة. وهذه هي طبيعة الحملة التي يعمل فيها أناس ومجموعات متنوعة لتناقش وتقرر بشأن ما يجب أن تقوم به من خطوات لتحقيق الأهداف في المستقبل. اليوم العالمي هو محطة بين محطات، وستناقش المجموعات المشاركة بالخطوات والاقتراحات العملية المستقبلية

صفحة الحملة العالمية لدعم الثورة في سوريا على الفايسوك، أنقر|ي هنا
31 أيار اليوم العالمي لدعم الثورة في سوريا على الفايسوك، أنقر|ي هنا
للتوقيع على العريضة، أنقر|ي هنا

Leave a comment